آثارها الكارثية لا تتوقف عند تدمير ” ثروة الغطاء النباتي” ..حرائق الغابات تتوعّد بالسيول الجارفة وحجب تغذية المخزون المائي وإفساد التربة

لا تتوقف آثار حرائق الغابات عند خسارة الغطاء النباتي والمحاصيل الزراعية، بل هناك آثار بعيدة المدى، بحسب الخبير المهندس  عبد الرحمن قرنفلة عضو منظمة المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والاراضي القاحلة (اكساد) وتحديداً على الأنهار والبحيرات وجريان مياه الأمطار، إذ يؤدي فقدان الغطاء النباتي إلى أن تصبح التربة كارهة للماء وتمنع امتصاص مياه الأمطار، وهذا يعزز حدوث السيول ونقل مخلفات الحرائق والحطام والرواسب إلى المسطحات المائية الكبيرة، ما يقود إلى زيادة تلوث الموارد الأساسية، وأصبحت الفيضانات والسيول المفاجئة بعد الحرائق تشكّل تهديدا،ً وتسمح بإدخال المعادن الثقيلة من الرماد والتربة لتتسلل إلى الممرات المائية التي تصبح ملوثة.

هذا إضافة إلى أنّ الحرائق تخرّب النباتات الموجودة في أرض الغابة والشجيرات الصغيرة بحسب “قرنفلة”، والنيران المنبعثة من الحرائق تدمر مصادر الغذاء والمأوى لعدد كبير من الحيوانات والحشرات والطيور والأحياء الدقيقة، ويهدد بقاؤها على قيد الحياة، أما الأشجار التي تقاوم الحريق فتصبح عرضة للإصابة بالأمراض والفطريات والحشرات بسبب انخفاض مقاومتها بعد الحريق.
كما يؤثر حريق الغابات في جودة الهواء، حيث يتم إطلاق كميات كبيرة من الدخان في الغلاف الجوي، والهواء الملوث لديه القدرة على الانتشار لمسافات طويلة، ويشكّل تهديداّ على صحة الإنسان، حيث يمكن لجزيئات الهواء الملوث أن تستقر في أعماق رئتينا، ما يجعل التنفس صعباً.

مخاطر على التربة
وحول تأثير حريق الغابات في التربة أشار قرنفلة إلى أنّ درجة حرارة التربة يمكن أن تتجاوز ٥٠٠ درجة مئوية أثناء الحريق الشديد، وتؤدي إلى فقدان مغذيات التربة والكربون العضوي والمواد العضوية من خلال التطاير والتعرية بعد الحريق، ما يقلل خصوبة التربة، وقد ثبت علمياً أنّ حرائق الغابات من العوامل الرئيسية المؤثرة في النظام الإيكولوجي، والتي تؤثر في الخصائص البيولوجية والكيميائية والفيزيائية لتربة الغابات، ويعتمد مدى اضطراب التربة إلى حد كبير على شدة الحريق ومدته وتكراره وخصائص التربة، والتأثير في خصائص التربة معقد، ما يؤدي إلى نتائج مختلفة بناء على تلك العوامل.

قرنفلة: ضرورة وجود إدارة شاملة للتربة وللغابات لاستعادة النظم الإيكولوجية لتربة الغابة المحترقة

الخبير قرنفلة عضو أردف قائلاً: إنّ الحرائق عالية الكثافة تؤدي إلى تطاير المغذيات، وانهيار الاستقرار الكلي للتربة وزيادة كثافتها الظاهرية وزيادة “كره” جزيئات التربة للماء والتقليل من تسرب المياه داخلها مع زيادة التعرية وتدمير الكائنات الحية، علماً أنّ التربة من أكثر الموارد الطبيعية قيمة، وتستخدم عبر النظم الاجتماعية والبيئية والطبيعية، وتلعب دوراً مهماً في تدوير المغذيات ودعم نمو النباتات، وهي مورد طبيعي غير متجدد على مقياس زمني بشري، بسبب تدهوره السريع جداً ومراحل تكوينه البطيئة جداً، أي إنّ حريق الغابات يؤدي إلى تغيير خصائص التربة على المدى القصير والطويل، ومنوهاً بأنّ درجات الحرارة اللازمة لقتل معظم المواد البيولوجية والأحياء الدقيقة في التربة تتراوح من ٥٠ إلى ١٢٠ درجة مئوية، بينما درجات الحرارة بين ١٥٠ والـ ١٧٠ درجة مئوية، فتؤدي إلى قتل الجذور الدقيقة والبكتريا والفطور والبذور داخل التربة، مشدداً على ضرورة وجود إدارة شاملة للتربة والغابات، لاستعادة النظم الإيكولوجية لتربة الغابة المحترقة.

تدابير وقائية
وفيما يخص التدابير الوقائية لخفض احتمال حدوث حرائق الغابات، أوضح قرنفلة أنّ الإنسان يمكنه منع حرائق الغابات من خلال اتخاذ إجراءات تساعد في تقليل مخاطر انتشار حرائق الغابات، أول خطوة لمنع نشوب حرائق الغابات، هي عدم ترك النار من دون رقابة، فلا بد من إطفاء السجائر بشكل كامل، وإطفاء أي نيران مشتعلة مهما كانت صغيرة باستخدام المياه وطمرها بالتراب قبل مغادرة الموقع، والإبلاغ بشكل فوري عند رؤية أي حريق بالغابات والاتصال بإدارة الإطفاء المحلية والسلطات المختصة.
وختم قوله: على عكس الكثير من الكوارث الطبيعية يمكن منع معظم حرائق الغابات من خلال توخي الحذر واتخاذ التدابير الوقائية، ومراقبة الحرائق بشكل مسؤول ووضع الاستراتيجيات اللازمة، وتوفير مستلزماتها من أدوات ومعدات وتجهيزات للتصدي للحرائق.

تشرين- منال صافي

 

جديد النشاطات