النباتات الطبية والعطرية.. استثمار ينتظر التنظيم وفتح الأسواق

«النباتات العطرية والطبية « مشروع تنموي متكامل، يقدم فرص عمل ويفتح أبواباً واسعة لطالبي العمل، نظراً لكونها تدخل في عدة صناعات، وفي التركيبة المحصولية في الزراعة، وتالياً لابد من تشجيع الزراعات الملائمة للحيازات الزراعية الصغيرة، مع إيجاد آليات التسويق والسؤال: ما الذي يقف حجرة عثرة امام الاستثمار في هذا المجال؟ وكيف يمكن الاستفادة من التنوع الحيوي للطبيعة الجغرافية السورية؟.
الحاجة لدراسات معمقة
يؤكد الخبير في الإنتاج النباتي والحيواني ومستشار اتحاد غرف الزراعة المهندس عبد الرحمن قرنفلة أن الأعشاب الطبية واضح من تسميتها أنها تستخدم لغايات طبية وعلاجية، ونظراً لتنوع البيئات النباتية والطوابق المناخية فإن كل المناطق السورية تنتشر فيها عائلات عديدة جداً من الأعشاب الطبية، وتعدّ أعشاب جبال الساحل السوري صيدلية طبيعية تكفي العالم أجمع كما تضم البادية بسهولها وجبالها أعشاب متعددة اعتاد البدو والسكان المحليين استخدامها لغايات علاجية، وأن العمل في مجال جمع وتحضير ومعالجة وحفظ الأعشاب الطبية ليس بسيطاً وهو يتطلب جهداً كبيراً لكون أغلب هذه الأعشاب تنمو في مناطق وعرة كما أن الحصول عليها ومعرفة الأنواع المفيدة منها يحتاج إلى قواعد محددة يجب التقيد بها.
وقال: الأعشاب الطبية مجموعة فريدة من النبات التي تستخدم أغلبها في معالجات طبية،
ويقول قرنفلة: إنه في الواقع الراهن يقوم عدد كبير من سكان الأرياف بجمع الأعشاب الطبية في مواسمها وبيعها في الأسواق أما طازجة أو بعد تجفيفها ويجري البيع للمستهلكين مباشرة أو لمحلات العطارة والعشابين وهذه الطريقة لا تحقق جمع سوى نسبة بسيطة من الأعشاب الطبية المتاحة في البلاد، وبطبيعة الحال هناك حاجة لدراسات معمقة لتحقيق الاستفادة المثلى من الأعشاب الطبية تقوم بها مراكز البحث العلمي والجامعات.
جدوى اقتصادية جيدة
من جهته أكد مستشار ورئيس لجنة النباتات الطبية والعطرية في غرفة زراعة دمشق معاوية جبر أن الاستثمار في النباتات الطبية والعطرية له جدوى اقتصادية جيدة وعائد مادي مجزٍ في حال تم الاستثمار وفق الأسعار الزراعية العلمية والتجارية السائدة مثل ، زراعة وإنتاج كل نوع في المناطق المناسبة له إضافة الى وجود دعم تسويفي من الجهات العامة أو الأهلية ذات العلاقة ( وزارة الزراعة- غرف الزراعة- غرف التجارة- صناديق الدعم…) خاصة خلال تجمع المنتجات إذ إن تسويق كل من محصول بمفرده من قبل المزارع لن يكون مجدياً على الاطلاق .
وزيادة اعتماد المصانع على المنتجات المحلية من النباتات الطبية والعطرية بدلاً من الاستيراد منوهاً بأن الجدوى تكون في القدرة على التسويق والمنتج، وهذا يتطلب تضافر الجهود كلّها.
وأشار إلى أن التنوع المناخي والطبوغرافي والجغرافي من العوامل الأساسية لنجاح هذا المشروع شريطة ان تتخصص كل منطقة بزراعة وإنتاج نوع محدد يتلاءم مع طبيعتها ومناخها ، لذلك أوصى مؤتمر النباتات الطبية والعطرية المنعقد بدمشق في آب من العام 2022 بــ(وضع خريطة للنباتات الطبية والعطرية تظهر الفرص الاستثمارية لهذه النباتات)، وكذلك أوصى بــإحداث أطلس للنباتات الطبية والعطرية، حتى يكون الإنتاج على درجة جيدة من الكفاءة والنوعية والميزة النسبية.
وقال: إن أي استثمار زراعي يواجه الاستثمار في النباتات الطبية والعطرية المعوقات نفسها، ومنها: صغر الحيازات، وضعف التمويل وصعوبة العملية التسويقية، وارتفاع تكاليف الإنتاج… وإلى غير ذلك.
وفيما إذا كان هناك تجارب ناجحة في هذا المجال بين أنه توجد عدة شركات رائدة في هذا المجال تعتمد الأسس العلمية الحديثة في كل إجراءاتها.
السوق والتعاون أساس النجاح
من جهتها رولا أديب صاحبة معمل للزيوت العطرية بينت أن أساس الاستثمار هو السوق، وتالياً يجب أن يكون هناك أسواق حتى يستطيع كل شخص أن يقوم بالاستثمار مشيرة إلى أن لديهم معمل يعمل بشروط عالمية ومع ذلك ما لا نستطيع الشراء بكميات من المزارعين حتى هم يستفيدوا لأن السوق محدود مشددة على ضرورة إيجاد سوق وهو الأهم هذا ومن بعدها يمكن التوسع على مستوى الزراعة والتصنيع مشيرة إلى وجود الكثير من المزارعين الذين يزرعون إلا أنه لا يوجد سوق كاف، وما يبقى لديهم من منتجات يحاولون بيعه بصعوبة.
وأكدت أن عامل النجاح الأهم هو التعاون ضمن سلسلة العمل بدء من الحصول على البذار أو الشتول الصحيحة للزراعة حتى وصول المنتج إلى المصنع وصولاً إلى الزبون لافتة إلى أن هناك سلسلة كبيرة يجب أن يكون هناك تعاون كامل فيما بينهم حتى يربح الجميع ويكون هناك تطوير للمنتجات بدلاً من شحن مادة أولية للأسواق الخارجية.
وأشارت إلى أن وزارة الزراعة تقوم بجهود كبيرة بكل الاتجاهات والبقية على المزارعين والمنتجين لإيجاد طريقة للتعاون إلا أن المشكلة تكمن في التعاون حيث لا يستطيع مزارع لوحده تطوير منتج أو تجميع أعشاب من الطبيعة وتطوير التصنيع والحفظ والتغليف لوحده وهناك سلسلة والكل يجب أن يتساعد للوصول إلى السوق العالمية بأسعار مقبولة.
من المشاريع ذات الأولوية
من جهته مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة المهندس أحمد حيدر أكد أن الاستثمار في مجال النباتات الطبية من المشاريع ذات الأولوية ولاسيما في الوقت الراهن كمشاريع متوسطة وصغيرة لدعم الأسر الريفية والمزارعين ووجود طلب على منتجاتها في السوق المحلية لما تحققه من جدوى اقتصادية لكونها تزرع في مناطق هامشية لا تؤثر على زراعة المحاصيل الاستراتيجية وتحقق عائد مائدي للمزارعين كما أنها غير مكلفة من ناحية مستلزمات ومتطلبات الإنتاج: (الأسمدة وعمليات الخدمة وغيرها) ومن جهة أخرى تتمتع النباتات الطبية بفترة صلاحية طويلة مقارنة مع محاصيل الخضار والفاكهة فهي لا تحتاج إلى تكلفة مادية ومتطلبات للتخزين في أماكن خاصة كغيرها من المنتجات (كتخزين الخضار المبرد)، إضافة إلى الأرباح التي تحققها شركات الإنتاج الزراعية والمستثمرون في هذا المجال من خلال زراعة النباتات الطبية التصديرية والمرغوبة عالمياً كزراعة الكمون وحبة البركة وغيرها، والتي ترتبط أسعارها بالأسواق العالمية.
وحول ما إذا كان هناك تنوع بالنباتات الطبية، والتي من شأنها رفد معمل الأدوية قال حيدر: تعد سورية الموطن الأصلي للعديد من النباتات الطبية ذات المحتوى جيد من المواد الفعالة، والتي يمكن أن تكون مادة أولية صالحة في مجال صناعة الأدوية الطبية النباتية وقد بدأت العديد من معامل الأدوية بالاستفادة من النباتات الطبية النامية برياً في بيئتنا المتنوعة مناخياً كنبات الشيح الصحراوي ونبات القريص المنتشر في كثير من المحافظات ونبات الزعتر بأنواعه المختلفة ونبات الهيدرا وغيرها من النباتات، وتعمل البحوث العلمية الزراعية ضمن خططها البحثية على دراسة محتوى هذه النباتات من المواد الفعالة وتحديد أفضل الطرق الزراعية لزيادة نسبتها وتحسينها إضافة إلى إدخال نباتات جديدة ودراسة مدى تأقلم زراعتها في بلدنا للاستفادة من موادها الفعالة في الصناعات الصيدلانية كنبات الستيفيا (بديل السكر) والزعفران.
وأوضح أن وزارة الزراعة تشجع على نشر زراعة النباتات الطبية من خلال اعتماد أهم النباتات الطبية ضمن الخطة الزراعية موضحاً أن الوزارة دائماً تعمل على إدراج بنود المتعلقة بالنباتات الطبية وكل ما يتعلق بتطوير هذه الزراعات ضمن الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الدولية كما تعمل بالتعاون مع المنظمات والهيئات والاتحادات ذات الصلة لتمويل مشاريع زراعة النباتات الطبية بهدف مساعدة ودعم الاسر الريفية وبهدف نشر هذه الزراعات إضافة إلى إقامة الندوات والمؤتمرات حيث تم في الأونة الأخيرة وبالتعاون مع العديد من الجهات والفعاليات عقد مؤتمر تحت عنوان: (الاستثمار الأخضر في مجال النباتات الطبية والعطرية) الذي سلط الضوء على أهم معوقات زراعة هذه النباتات وكيفية تسويقها بالشكل الأمثل ومعرفة مناطق زراعتها وانتشارها وتم التأكيد على ضرورة إحداث منصة الكترونية تضم كل من المنتجين والمستثمرين وكل ما يتعلق بإنتاج وزراعة وتسويق النباتات الطبية والعطرية وفي هذا المجال تعمل الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية وبالتعاون مع كل الفعاليات الزراعية ذات الشأن على إنجاز خارطة توزع وانتشار النباتات الطبية البرية والمزروعة في جميع المحافظات، كما قامت وزارة الزراعة بتشكيل لجنة وطنية لنشر زراعة الزعفران في محافظات القطر ودراسة مدى ملائمته للزراعة والجدوى الاقتصادية، وتم اعتماد بروتوكول إكثار نبات الستيفيا بطريقة زراعة الأنسجة.
وأشار حيدر إلى أن لدى الوزارة تجارب ناجحة من خلال التعاون المشترك بين البحوث العلمية الزراعية مع اتحاد النحالين العرب نشر زراعة الزعتر الخليلي في المحافظات:(حمص، حماة، طرطوس، اللاذقية) والتي تعدّ تجربة ناجحة فقد لاقت قبولاً واستحساناً لدى المزارعين.
الثورة _ وفاء فرج

جديد النشاطات